من قول المؤلف:
"وكره قتادة تعلُّم منازل القمر" (باب ما جاء في التنجيم)
إلى قول المؤلف:
"وقوله: النياحة إذ لم تتب قبل موتها" (باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء)
ملخص الدرس:
قال المؤلف:
"وكره قتادة تعلم منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب عنهما، ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق." فهذا الباب باب ما جاء في التنجيم؛ وهو: نسبة الحوادث الأرضية إلى الأحوال الفلكية وأن النجوم تأثر في هذا الكون من حبوط الريح ونزول المطر – وهذا باطل؛ فإن النجوم خلقها الله كسائر المخلوقات مسخرة مدبرة، ليس لها من الأمر من شيء، لكن المشركون يروجون على الناس فيها ليفسدوا عقائدهم – فهذا هو الغرض من تعلم هذا الباب. وقد حصر الله حكمة خلق النجوم في ثلاث: زينة للسماء، ورجوماً للشياطين؛ فإن الشياطين يرصدون ليسترقوا كلمة من الملائكة فإذا سمعوا كلمة واحدة يعطونها الكائن من بني آدم وهو يكذب معها مئة كذبة ويصدقه الناس لهذه الكلمة فتنة لهم والله كشف كيد الكهان حماية لعقيدة التوحيد. والثالثة: علامات يهتدى بها.
"قال الخطابي: أما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والخبر الذي يعرف به الزوال، وتعلم به جهة القبلة فإنه غير داخل فيما نهى عنه..." هذا علم التأثير وهو مباح وفيه فائدة؛ والنجوم خلقها للثلاث المذكورة ومن يعتقد فيها غير ذلك اعتقد فيها اعتقاد الجاهلية. و " قال ابن رجب: والمأذون في تعلمه التسيير لا علم التأثير؛ فإنه باطل محرم، قليله وكثيره. وأما علم التسيير فيتعلم ما يحتاج إليه منه للاهتداء، ومعرفة القبلة والطرق جائز عند الجمهور." فعلم التسيير علم الحساب لا بأس به، أما علم التأثير فهو محرم وشرك.
قال المؤلف: "قال: "وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر ". رواه أحمد وابن حبان في صحيحه". هذا الحديث رواه أيضا الطبراني والحاكم وقال: صحيح. وأقره الذهبي. وتمامه: " ومن مات وهو يدمن الخمر سقاه الله من نهر الغوطة: نهر يجري من فروج المومسات; يؤذي أهل النار ريح فروجهن ". هذا وعيد بسبب ما معهم من المعاصي: المداوم على الشرب الخر والخمر رجس من الشيطان لا خير فيها؛ وقطع سلة الرحم، فأنت تأدي الحق الذي عليك ولو قطعوك، وتصديق الساحر والكاهن والواجب على المسلم أن ينكر السحر ولا يصدقه؛ فإن السحر باطل ولا يفلح الساحر حيث أتى - والتنجيم نوع من السحر. ومعنى (لا يدخلون الجنة) من نصو الوعيد وليس المراد أنهم كفار وأنهم مخلدين في النار لا يخرجون منها، قد يخرجون منها بعد مدة؛ فهذا الحديث من الوعيد والزجر. قال المؤلف: "هذا من نصوص الوعيد التي كره السلف تأويلها. وقالوا: أمِرُّوها كما جاءت، ومن تأولها فهو على خطر من القول على الله بلا علم. وأحسن ما يقال: إن كل عمل دون الشرك والكفر المخرج عن ملة الإسلام، فإنه يرجع إلى مشيئة الله، فإن عذّبه فقد استوجب العذاب، وإن غفر له فبفضله وعفوه ورحمته."
"فيه مسائل:" وهي فقه الباب.
"الأولى: الحكمة في خلق النجوم." ثلاث: زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها.
"الثانية: الرد على من زعم غير ذلك." على من زعم النجوم تؤثر في الأرض وهي من المخلوقات لا تحدث في الأرض أشياء واعتقاد غير ذلك من الجاهلية.
"الثالثة: ذكر الخلاف في تعلم المنازل." علم منازل القمر مباح على الصحيح ومنعه بعض العلماء لما قد يفضي إليه.
"الرابعة: الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل." فالمصدق بالسحر لا يدخل الجنة؛ لأنه يجب اعتقاد بطلان السحر.
قال المؤلف: "باب: (ما جاء في الاستسقاء بالأنواء) وهي نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء" والأنواء هي منازل القمر: طلوعه وسقوطه، "وقوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ روى الإمام أحمد والترمذي"- وحسنه- وابن جرير وابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ﴾ يقول: شكركم ﴿أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا: بنجم كذا وكذا" القرآن نسب الأرزاق إلى الله وأنتم تنسبونها إلى النجوم؟! والجاهلية العامة هي ما قبل بعثة الرسول ﷺ وقد يبقى بعض منها في بعض القبائل والأفراد، وكل نسبة إلى الجاهلية مذمومة.
"عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب; والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم; والنياحة ". وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ". رواه مسلم". هذه من أمور الجاهلية: الفخر بالأحساب وما فعل الآباء؛ والطعن في الأنساب، والمسلمون إخوة والكرم عند الله بالتقوى؛ والاستسقاء بالنجوم – وهذا محل الشاهد للباب أنه من الجاهلية المذمومة – والنياحة وهي رفع الصوت وضرب الخدود وشق الجيوب، والمشروع عند موت الميت: الصبر والاحتساب وتغسيل الميت ودفنه والصلاة عليه والدعاء له والتصدق عنه. سميت الجاهلية "لفرط جهلهم" ليس فيها آثار رسالة ولا نبوة فما بعث في العرب بعد إسماعيل إلا محمد ﷺ.
التاريخ: 4/2/1439 هـ
من قول المؤلف: "وكره قتادة تعلُّم منازل القمر" (باب ما جاء في التنجيم)
إلى قول المؤلف: "وقوله: النياحة إذ لم تتب قبل موتها" (باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء)
ملخص الدرس:
قال المؤلف:
"وكره قتادة تعلم منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب عنهما، ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق." فهذا الباب باب ما جاء في التنجيم؛ وهو: نسبة الحوادث الأرضية إلى الأحوال الفلكية وأن النجوم تأثر في هذا الكون من حبوط الريح ونزول المطر – وهذا باطل؛ فإن النجوم خلقها الله كسائر المخلوقات مسخرة مدبرة، ليس لها من الأمر من شيء، لكن المشركون يروجون على الناس فيها ليفسدوا عقائدهم – فهذا هو الغرض من تعلم هذا الباب. وقد حصر الله حكمة خلق النجوم في ثلاث: زينة للسماء، ورجوماً للشياطين؛ فإن الشياطين يرصدون ليسترقوا كلمة من الملائكة فإذا سمعوا كلمة واحدة يعطونها الكائن من بني آدم وهو يكذب معها مئة كذبة ويصدقه الناس لهذه الكلمة فتنة لهم والله كشف كيد الكهان حماية لعقيدة التوحيد. والثالثة: علامات يهتدى بها.
"قال الخطابي: أما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والخبر الذي يعرف به الزوال، وتعلم به جهة القبلة فإنه غير داخل فيما نهى عنه..." هذا علم التأثير وهو مباح وفيه فائدة؛ والنجوم خلقها للثلاث المذكورة ومن يعتقد فيها غير ذلك اعتقد فيها اعتقاد الجاهلية. و " قال ابن رجب: والمأذون في تعلمه التسيير لا علم التأثير؛ فإنه باطل محرم، قليله وكثيره. وأما علم التسيير فيتعلم ما يحتاج إليه منه للاهتداء، ومعرفة القبلة والطرق جائز عند الجمهور." فعلم التسيير علم الحساب لا بأس به، أما علم التأثير فهو محرم وشرك.
قال المؤلف: "قال: "وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر ". رواه أحمد وابن حبان في صحيحه". هذا الحديث رواه أيضا الطبراني والحاكم وقال: صحيح. وأقره الذهبي. وتمامه: " ومن مات وهو يدمن الخمر سقاه الله من نهر الغوطة: نهر يجري من فروج المومسات; يؤذي أهل النار ريح فروجهن ". هذا وعيد بسبب ما معهم من المعاصي: المداوم على الشرب الخر والخمر رجس من الشيطان لا خير فيها؛ وقطع سلة الرحم، فأنت تأدي الحق الذي عليك ولو قطعوك، وتصديق الساحر والكاهن والواجب على المسلم أن ينكر السحر ولا يصدقه؛ فإن السحر باطل ولا يفلح الساحر حيث أتى - والتنجيم نوع من السحر. ومعنى (لا يدخلون الجنة) من نصو الوعيد وليس المراد أنهم كفار وأنهم مخلدين في النار لا يخرجون منها، قد يخرجون منها بعد مدة؛ فهذا الحديث من الوعيد والزجر. قال المؤلف: "هذا من نصوص الوعيد التي كره السلف تأويلها. وقالوا: أمِرُّوها كما جاءت، ومن تأولها فهو على خطر من القول على الله بلا علم. وأحسن ما يقال: إن كل عمل دون الشرك والكفر المخرج عن ملة الإسلام، فإنه يرجع إلى مشيئة الله، فإن عذّبه فقد استوجب العذاب، وإن غفر له فبفضله وعفوه ورحمته."
"فيه مسائل:" وهي فقه الباب.
"الأولى: الحكمة في خلق النجوم." ثلاث: زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها.
"الثانية: الرد على من زعم غير ذلك." على من زعم النجوم تؤثر في الأرض وهي من المخلوقات لا تحدث في الأرض أشياء واعتقاد غير ذلك من الجاهلية.
"الثالثة: ذكر الخلاف في تعلم المنازل." علم منازل القمر مباح على الصحيح ومنعه بعض العلماء لما قد يفضي إليه.
"الرابعة: الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل." فالمصدق بالسحر لا يدخل الجنة؛ لأنه يجب اعتقاد بطلان السحر.
قال المؤلف: "باب: (ما جاء في الاستسقاء بالأنواء) وهي نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء" والأنواء هي منازل القمر: طلوعه وسقوطه، "وقوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ روى الإمام أحمد والترمذي"- وحسنه- وابن جرير وابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ﴾ يقول: شكركم ﴿أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا: بنجم كذا وكذا" القرآن نسب الأرزاق إلى الله وأنتم تنسبونها إلى النجوم؟! والجاهلية العامة هي ما قبل بعثة الرسول ﷺ وقد يبقى بعض منها في بعض القبائل والأفراد، وكل نسبة إلى الجاهلية مذمومة.
"عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب; والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم; والنياحة ". وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ". رواه مسلم". هذه من أمور الجاهلية: الفخر بالأحساب وما فعل الآباء؛ والطعن في الأنساب، والمسلمون إخوة والكرم عند الله بالتقوى؛ والاستسقاء بالنجوم – وهذا محل الشاهد للباب أنه من الجاهلية المذمومة – والنياحة وهي رفع الصوت وضرب الخدود وشق الجيوب، والمشروع عند موت الميت: الصبر والاحتساب وتغسيل الميت ودفنه والصلاة عليه والدعاء له والتصدق عنه. سميت الجاهلية "لفرط جهلهم" ليس فيها آثار رسالة ولا نبوة فما بعث في العرب بعد إسماعيل إلا محمد ﷺ.