شرح رسالة معنى لا إله إلا الله 20-01-1437 هـ


شرح رسالة معنى لا إله إلا الله

 

 

المتن: قال المصنف - رحمه الله تعالى-:  وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإنّ المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدّرك الأسفل من النار

الشرح: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وأصَحْابِهِ وَمَنْ وَالَه، أمَّا بَعْد

فإن كلمة " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" لابدُ من النطق بها، أول شئ لابد من النطق بها، لأن المشركين أَبَوْا أن ينطقوا بها؛ لأنهم يعلمون أنهم إذا قالوها تركوا عبادة الأصنام، واقتصروا على عبادة الله وحده وهم لا يريدون ذلك، يريدون البقاء على أصنامهم، يريدون أن يعبدوا الله ويعبدوا معه الأصنام وهذا باطل، لأن عبادة الأصنام تُبطل عبادة الله وتُبطل كلمة " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فهم لمَّا رأوا هذا أَبَوْا أنَّ ينطقوا بها، لما قال لهم رَسُولِ اللهِ - صَلىَّ اللهُ  عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - قولوا: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" تفلحوا، قالوا: ( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) فهموا معناها: أنها تنفي وتُبطل عبادة ما سوى اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فهم لا يريدون هذا، أَبَوْا أن ينطقوا بها، لأنهم يأنفون من التناقض أن يقولوها وهم يعبدوا غير الله، فتمسكوا بما هم عليه، (وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) هكذا يقولون: (امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ) لا تتركوها لأنكم إذا قلتم " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" تركتم آلهتكم، فهم لا يريدون هذا، لا يريدون قولٌ بلا عمل .

 مثل جهال المسلمين يقولونها ويدعون غير الله، قولٌ بلا عمل ما تنفع! إذا قالها الإنسان فلابد أن يعرف معناها أولًا، معناها: "لا معبود بحق إلاَّ الله" هذا معناها، مقتضاها: أن يترك الشرك، ويبتعد عنه ويُعبد الله وحده لا شريك له، هذا مقتضاها . أمَّا أن ينطق بها ويكررها بدون أن يعمل بمقتضاها فإنها لا تنفعه، لأنها نقضها بالشرك فليس المراد التلفظ بها فقط! المنافقون وهم الذين هم أظهروا الإسلام وهم يُبطنون الكفر في أنفسهم؛ منافقون في الدرك الأسفل من النار (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) يقولون: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ولكن لا يعتقدونها بها بقلوبهم؛ ينطقون بها بألسنتهم "تقية" ولا يعتقدونها بقلوبهم، صاروا في الدرك الأسفل من النار، شرٌ من الذين امتنعوا من قولها! شرٌ من المشركين الذين أَبَوْا أن يقولها، ليس المراد النطق بها فقط!

المتن: وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها .

الشرح: "مع الجهل بمعناها" لابد من أن تعرف معناها، معناها: "لا معبود بحقٍ إلاَّ الله" هذا معناها، هذا شئ؛ الشئ الثاني: لابد أن تعمل بمقتضاها، بأن تترك عبادة غير الله .

المتن: فإنّ المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدّرك الأسفل من النار، مع كونهم يُصلون ويتصدقون،

الشرح: هم يصلون ويصومون ويتصدقون، وقد يجاهدون مع الرَسُول - صَلىَّ اللهُ  عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - في الظاهر؛ وأمَّا في قرارة قلوبهم فهم لا يؤمنون، لكنهم يعملون هذه الأشياء "تقية" ليعيشوا مع المسلمين، لذلك صاروا في الدرك الأسفل من النار - والعياذ بالله- لابد إذا قالها الإنسان أن يلتزم بما تدلُّ عليه، وهو التوحيد وترك الشرك .

المتن: ولكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة أهلها وبغض ما خالفها ومعاداته

الشرح: المراد من " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" معرفتها بالقلب ما هو باللسان، اعتقاد ما تدلَّ عليه بالقلب، ما هو مجرد النطق باللسان مع إنكار معناها بالقلب

المتن: ومحبتها ومحبة أهلها،

الشرح: محبتها: الولاء والبراء؛ لابد من الولاء والبراء؛ الولاء: محبة الصالحين وعباد الله المتقين، والبراء: البراءة من المشركين هذا من لازم " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، أن توالي أولياء الله وأن تعادي أعداء الله .

المتن: ومحبتها ومحبة أهلها وبغض ما خالفها ومعاداته، كما قال النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ -: « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا»، وفي رواية « صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ » وفي لفظٍ: « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ »، إلى غير ذلك من الأدلة .

الشرح: هذا مقتضاها؛ « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا»، وفي رواية « صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ » ما هو يقولها باللسان فقط! لكن يعتقد معناها، ويؤمن به، هذه هى حقيقتها، قالها: معتقدًا لمعناها، ما يتلفظ بها فقط ولا يعتقد معناها، أو يجهل معناها ولا يدري ما هو؟ هذه مصيبة! معتقدًا لمعناها؛ أيضًا لا يكفي هذا، بل يكون عاملًا لمقتضاها، وهو ترك عبادة ما غير الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -

المتن: وفي لفظٍ: « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ »

الشرح: هذا القيد؛ ما اقتصر رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على قول: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " قال: وكفر بما يُعبد من دون الله، يعني اعتقد بُطلان عبادة غير الله، وترك عبادة غير الله، هذا هو الذي حقق " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ".

المتن: إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة،

الشرح: كثير من الناس يقولون: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ويوردون لهم أوارد ولكنهم يقولون: يا "علي" يا "حسين" يا "عبد القادر" يا "فُلان" يدعون الأولياء والصالحين، أين " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"؟ كفروا بها!

المتن: إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة،

الشرح: على أنهم لم يتعلموا معناها، ولم يعملوا بها إنما يقولونها بألسنتهم،

المتن: واعلم أن هذه الكلمة نفي وإثبات .

الشرح: أفهم هذا؛ هذه الكلمة لها ركنان:

الركن الأول؛ النفي: نفي " لَا إِلَهَ" .

الركن الثاني؛ الإثبات: "إِلَّا اللَّهُ"

لابد أن تعرف هذا؛ انه لا يُعبد بحق إلاَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وأن ما عُبد من غيره فهو باطل، لابد من أن تعتقد

هذا، تترك عبادة غير الله، يعني أمران: لابد من معرفة معناها، ولابد من العمل بمقتضاها، وليست مجرد قول باللسان فقط!

المتن: واعلم أن هذه الكلمة نفي وإثبات نفي الألوهية عمّا سوى اللهِ - تَعَالَى- من المخلوقات، حتى محمدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-،

الشرح: حتى عن محمدٍ؛ لا يُعبدالرَسُول بل يُعبد الله وحده، لا يُعبد الرَسُول ولا الأولياء الصالحين، ولا يُعبد إلاَّ الله، ولايُعبد الأصنام والأشجار والأحجار والقبور؛

المتن:  حتى محمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ – حتى جبرائيل فضلًا عن غيرهم من الأولياء والصالحين

الشرح: لو أن واحدًا يدعو جبرائيل أفضل الملائكة كفر بالله، ولو أن واحدًا يدعو محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أفضل البشر كفر بالله - عَزَّ وَجَلَّ – وصار مشركًا

المتن: إذا فهمت ذلك فتأمل هذه الألوهية التي أثبتها الله لنفسه، ونفاها عن محمدٍ وجبرائيل - عَلَيْهِما السَّلامُ -

وغيرهما، أن يكون لهم مثقال حبة خردل،

الشرح: مثقال حبة من خردل من العبادة أو من الملك هذا للهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، ولكن الله يُملكَّ من يشاء (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

المتن: إذا عرفت هذا؛ فاعلم أنّ هذه الألوهية هي التي تسميها العامة في زماننا السر والولاية، فالإله معناه الولي الذي فيه السرّ، وهو الذي يسمونه الفقير والشيخ، وتسميه العامة السيد وأشباه هذا.

الشرح: يتخذونهم معبودين من دون الله، يقولون هؤلاء صالحون، يقربوننا  إلى الله، ويشفعون لنا عند الله، كذا يقولون، كما قال إخوانهم من المشركين، (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ )، ويقولون: ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)

المتن: وذلك أنهم يظنون أنّ الله جعل لخواص الخلق منزلة، يرضى أنّ الإنسان يلتجئ إليهم ويرجوهم ويستغيث بهم ويجعلهم واسطة بينه وبين الله.

الشرح: يعتقدون هذا، يعتقدون أن الله أوجب أن يتخذ الإنسان واسطة بينه وبين الله من الخلق، من الأولياء والصالحين والملائكة والرسل، الله ما أمر بهذا، الله أمر أن يُعبد وحده لا شريك له، ويُتَّبع أنبياؤه ورسله، ولا يُعبدون، يُتبعون فيما جاؤوا به، وبلغوه عن الله، ولا يُعبدون مع الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هذا هو الحق، في حق الأولياء والصالحين.

المتن: فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائطهم هم الذين يسميهم الأوَّلون (الإله)، والواسطة هو الإله، فقول الرجل لا إله إلاّ الله، إبطالٌ الوسائط .

الشرح: نعم إبطالٌ للوسائط من دونه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، يحتجون بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ )، يقولون الوسيلة أن تجعل بينك وبين الله واسطة، من الأولياء والصالحين، وهذا كذبٌ على الله ورسوله، وتفسيرٌ للقرآن بغير تفسيره، ابتغوا إليه الوسيلة أي العمل الصالح، الوسيلة هي: العمل الصالح الذي يوصِّل إلى اللهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، هذا معنى الوسيلة، ابتغوا إليه الوسيلة، ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ)، هذه هي الوسيلة، الوسيلة  عبادة الله وحده لا شريك له، وليست أن تجعل بينك وبين الله واسطة من الخلق، تعبدهُ وهو يرفع حوائجك إلى الله، ويشفع لك عند الله، كما يقولهُ المشركون والقبوريون.

المتن: إذا أردت أن تعرف هذا معرفةً تامةً فذلك بأمرين:

الأول: أن تعرف أنّ الكفار الذين قاتلهم النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقتلهم وغنم أموالهم، واستحلّ دماءهم، وسبى نساءهم، كانوا مقرين لله سبحانه، بتوحيد الربوبية.

الشرح: إي نعم كلهم؛ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّا يُؤْفَكُونَ) (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) هذا توحيد الربوبية، لكنهم يعبدون مع الله غيره، ما أقروا بالألوهية.

المتن: كانوا مقرين لله بتوحيد الربوبية، كانوا مقرين لله سبحانه، بتوحيد الربوبية، وهو أنه لا يخلق، ولا يرزق، ولا يحيي، ولا يميت، ولا يدبّر الأمر إلاّ الله.

الشرح: هذا لا يكفي، هذا في توحيد الربوبية، المشركون مقرون به ولا يكفي، لابد من توحيد الألوهية، وهو إفرادُ الله - جلَّ وَعَلَا - بالعبادة .

المتن: كما قال الله تعالى: ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) .

الشرح: قل للمشركين؛ يأمر اللهُ نبيه - صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - يقول له قل للمشركين: من يدبِّر الأمر؟ من خلقكم؟ من؟ من رزقكم؟ يقولون الله، قل: أفلا تتقون، إلاَّ تتقون الله فتفردوه العبادة، أنتم قررتم هو الرب مالك الملك، أقررتم بذلك، فلماذا لا تقرون بإفراده بالعبادة؟ وترك عبادة ما سواه! لماذا تتخذون معه آلهة لا تملك شيء؟        ( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً).

المتن: وهذه مسألة عظيمةٌ مهمةٌ وهي أن تعرف أن الكفار شاهدون بهذا كله،

الشرح: شاهدون بتوحيد الربوبية ولا ينفعهم لا يكفي، لابد من توحيد الألوهية مع توحيد الربوبية؛ لأن التوحيد نوعان: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، ما يكفي توحيد الربوبية، بدون توحيد الألوهية.

المتن: شاهدون بهذا كله، ومقرون به، ومع هذا لم يدخلهم في الإسلام.

الشرح: وقاتلهم رَسُولِ اللهِ - صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - واستحلَّ دماءهم، وأموالهم، وهم يقرون بالربوبية، ما تكفي الإقرار بالربوبية لابد من إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة ما سواه، هذا توحيد الألوهية.

المتن: ومع هذا لم يدخلهم في الإسلام، ولم يُحرم دماءهم وأموالهم؛ وكانوا أيضا يتصدقون، ويحجون.

الشرح: كانوا المشركون يتصدقون، كانوا يتصدقون، يتقربون إلى الله بالصدقة، كانوا يحجون إلى البيت، ويعتمرون، ولم ينفعهم هذا؛ لأنهم يدعون غير الله، ويشركون مع الله غيره.

المتن: وكانوا أيضًا يتصدقون، ويحجون، ويعتمرون، ويتعبدون، ويتركون أشياء من المحرمات خوفًا من الله - عَزَّ وَجَلَّ-.

الشرح: نعم يتركون بعض المحرمات، يدينون لله بأن هناك حلال وحرام، ويتجنبون الحرام، ولم ينفعهم هذا؛ لأنهم لم يُفردوا الله بالعبادة.

المتن: لكن الأمر الثاني هو الذي كفرهم وأحل دماءهم وأموالهم وهو أنهم لا يشهدون لله بتوحيد الألوهية، وهو أنه لا يُدعى إلا الله، ولا يُرجى إلا الله وحده لا شريك له، ولا يُستغاث بغيره، ولا يُذبح لغيره، ولا يُنذر لغير؛ لا ملكٍ مقرب و لا نبيٍ مرسل ، فمن استغاث بغيره فقد كفر، ومن ذبح لغيره فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر وأشباه ذلك .

الشرح: من استغاث بغيره، بغير الله فقد كفر، استغاث بغيره، يعني طلب الغوث منه فيما لا يقدر عليه إلا الله – عزَّ وَجَلَّ - فهذا كافر، أما من يستغيث بمخلوق الحيَّ الحاضر فيما يقدر عليه فلا بأس، هذا من التعاون، والله –جلَّ وَعَلَا- يقول: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، فإذا كان حاضرًا عندك، وقادر على أن يغيثك، ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) ، قصة موسى – عَلَيِه السَّلام -، دلَّ على أن الاستغاثة بالمخلوق يقدرُ عليه، أنها جائزة، أما الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه فهذا محرَّم وشرك .

المتن: فمن استغاث بغيره فقد كفر، ومن ذبح لغيره فقد كفر ومن نذر لغيره فقد كفر وأشباه هذا.

الشرح: كل أنواع العبادة، العبادة اسمٌ جامع لكل ما يحبُّ الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، كله عبادة لله - َعزَّ وَجَلَّ -.

المتن: وتمام هذا أن تعرف أن المشركين الذين قاتلهم رَسُولِ اللهِ - صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ -  كانوا يدعون الملائكة وعيسى وعزير وغيرهم من الأولياء فكفرهم الله بهذا مع إقرارهم بأن الله هو الخالق الرازق المدبر، فإذا عرفت معنى " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، وعرفت أن من نخا نبيًا أو ملكًا أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام ، وهذا هو الكفر الذي قاتلهم عليه رَسُولِ اللهِ - صَلىَّ اللهُ  عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - .

الشرح: هذه مهمة جدًا، أن تعرف هذا الأمر، تعرف لماذا الرَسُول قاتل المشركين، وهم مقرين بالربوبية لله - َعزَّ وَجَلَّ - وأيضًا يعبدونه ببعض أنواع العبادة، لأنهم ما اقتصروا على عبادة الله، بل عبدوا مع الله غيره، من الأنبياء والصالحين، والأشجار والأحجار،

المتن: فإن قال قائلٌ من المشركين نحنُ نعرف أن الله هو  الخالق .

الشرح : يكفي نقف عند هذا، والله تعالى أعلم، وَصَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ....