الخطبة الأولى:
الحمد لله ذي الفضل يؤتي فضله من يشاء وهو العزيز الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته تبارك الله ذو العرش العظيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ذو الخلق الكريم والمقام العظيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل والتكريم وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
أيُّها الناس، خلق ذميم، حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته، ونهاهم عنه ألا وهو الحسد، قال صلى الله عليه وسلم: دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ، وقال صلى الله عليه وسلم: لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ َلاَ يَحْقِرُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ ولا يُسلمُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ .
اتقوا الله، عباد الله، والحسد هو أعظم الأدواء التي دبت إلى هذه الأمة لما يترتب عليه من الآثار القبيحة، والحسد معناه: تمني زوال النعمة عن المحسود، إذا رأى على أخيه نعمةً من الله فإنه يتمنى أن تزول عنه، لا لشيء إلا لأنه يبغضه، فإذا أبغضه حسده، والحسد داءٌ قديم، أول من حسد إبليس لعنه الله، حسد أبانا آدم عليه السلام، على ما أعطاه الله من الفضائل، حيث خلقه بيده، وعلمه أسماء كل شيء، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته، عند ذلك غضب إبليس وأبى أن يسجد مع الملائكة: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)، لما قال لهم ربهم أسجدوا لآدم سجدوا: (إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)، (أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ)، وذلك لأنه حسد آدم عليه السلام على ما أتاه الله من هذه الفضائل فأبى أن يسجد له فتكبر زاعما أنه أفضل من آدم، لأن الله خلقه من النار وخلق آدم من الطين، وبزعمه أن النار خيرٌ من الطين، وهذا قياس باطل، فإن الطين خير من النار، لأن الطين ينبت النباتات الطيبة ويثمر وفيه خيارات كثيرة بخلاف النار فإنها محرقة، لا تنتج شيئا وإنما تحرق وتتلف، فخاب ظنه، وبطل سعيه، ولما تكبر على آدم وحسده طرده الله جلَّ وعلا ولعنه، كان في أول مع الملائكة يعبد الله في السماء، ثم لما حسد آدم طرده الله ولعنه وأنزله من السماء إلى الأرض، وجعله قواداً لكل خبيث، داعيةً إلى كل شر، وجعله من أهل النار، وجعله يدعو إلى النار دائما وأبدا، كل هذا بسبب الحسد، فلو أنه لم يحسد آدم وسجد مع الملائكة الذين لم يحسدوه عليهم الصلاة والسلام لبقي على كرامته ومكانته، ولكنه لما حسد آدم واعترض على الله طرده الله ولعنه وأبعده – والعياذ بالله -، فهذه من آثار الحسد، كذلك الله جلَّ وعلا قال: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ) هابيل وقابيل ابني آدم: (إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ) فالذي تقبل الله منه من المتقين، والآخر ليس كذلك، والله جلَّ وعلا يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ)، فحسد آخاه وقال: (لأَقْتُلَنَّكَ) توعد أخاه بالقتل، فقال له أخوه: (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ) يخاف الله عزَّ وجل، ويهاب أن يقتل أخاه، فما كان من هذا المجرم الظالم الحاسد إلا أن أقدم على قتل أخيه: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ) أولا: قطع الرحم، وثانيا: حسد أخاه على ما خصه الله به من تقبل قربانه:(فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ) خسارةً لا عوض لها ولا تنجبر أبدا، كل ذلك بسبب الحسد – والعياذ بالله ، اليهود لما بعث الله نبيهم محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وأفضل الأنبياء والمرسلين، ورأوا أنه من ذرية إسماعيل حسده، لأنهم كانوا يريدون أن يكون النبوة في بني إسرائيل، يعترضون على الله سبحانه وتعالى، ويمنعون فضل الله أن يؤتيه من يشاء فحسدوا محمدا صلى الله عليه وسلم فكفروا به وهم يعلمون أنه رسول الله (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) لما يجدونه من أوصافه في التوراة والإنجيل، يعرفونه لم يعادوه أو يجحدوا رسالته عن جهل، وإنما عن حسد، حملهم ذلك على الكفر، فانظروا إلى الحسد كيف يجر إلى قتل النفوس، ويجر إلى الكفر وهو أعظم – والعياذ بالله -، ويجر إلى لعنة الله كما حصل لإبليس.
فاحذروا يا عباد الله، من الحسد لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا منه وقال: لاَ تَحَاسَدُوا هذا نهي من الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحسد فيما بيننا، فمن رأى على أخيه نعمة فإنه لا يحسده عليها، وإنما يسأل الله أن يرزقه من فضله قال الله جلَّ وعلا: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ)، أسأل الذي أعط أخاك هذه النعمة أن يعطيك، فإنَّ الله جواد كريم، إذا سألته أعطاك، أما أن تحسد أخاك على نعمة الله التي أتاه الله إياها، فأنت حينئذ معترض على الله، وقاطعوا صلة الرحم أو صلة الإيمان التي بينك وبين أخيك، فعالج الحسد بأن تسأل الله الكريم من فضله والله واسع عليم، وعالج الحسد أيضا بأن تؤمن بالقضاء والقدر وإنما حصل لأخيك إنما هو بقضاء الله وقدره والله أعلم سبحانه وتعالى، لا تعترض على الله سبحانه وتعالى، لا تعترض على الله في قضائه وقدره، ولا تقول فلان ما يستحق هذا الشيء كما نسمع من بعض الناس، والله فلان ما يستحق هذا، ليش فلان كذا وكذا، أو إذا نزلت مصيبة بأحد قال إن فلان قال جيد وأنه ما يستحق هذه العقوبة، كأنه يعترض على الله سبحانه وتعالى.
فعلى المسلم، أن يرضى بقضاء الله وقدره، كذلك مما يعالج به الحسد أن تدعو لأخيك بالبركة، تدعو له بالبركة، بدل أن تتمنى زوال النعمة عنه تدعو له ببقائها، وأن يبارك الله فيها، وهذا لا يضرك؛ بل ينفعك عند الله، فعالج الحسد بمثل هذه الأمور، كذلك مما يعالج به الحسد أن تطلب الرزق وأن تبذل الأسباب، أما انك تجلس وتعجز وتكسل وتحسد الكاسبين والذين يطلبون الرزق تحسدهم على ما أعطاهم الله، فهذا اللوم عليك أنت، أنت الذي قصرت، وأنت الذي تركت الأسباب، وأنت الذي تكاسلت فعليك أن تلوم نفسك، بدل أن تحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله، إذا الحسد يا عباد الله يجر إلى الكفر كما جر بإبليس، يجر إلى القتل كما جر هابيل على قتل أخيه قابيل، وقد قص الله علينا هذه القصة لنعتبر بها، ونحذر منها ونحذر من الحسد، الحسد يجر إلى الاعتراض على الله سبحانه وتعالى في قضائه وقدره وأن الله ليس حكيما وليس خبيرا وليس عليما، فإنما يعطي من لا يستحق العطاء، أو يعاقب من لا يستحق العقوبة، هذا كفر بالقضاء والقدر - ولا حول ولا قوة إلا بالله- ، إذا فالحسد داءٌ وبيل، فاستعيذوا بالله من الحسد، الحسد كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: أنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ ، فاحذروا.
احذروا يا عباد الله، أن تحترق حسناتكم وأعمالكم الصالحة بسبب الحسد، استعيذوا بالله من الحسد، وسألوا الله من فضله، وأحبوا لإخوانكم الخير ودعوا لهم بالبركة، والله سبحانه وتعالى واسع عليم، بيده الفضل: (يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ)، لا تعترضوا على الله سبحانه وتعالى فـ(تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)، احذروا من الحسد، الواجب على المسلم أن يحب الخير لأخيه، كما يحبه لنفسه، لا أن يبغض الخير الذي بيد أخيه؛ بل يحبه له، قال صلى الله عليه وسلم: لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ، فاعتبر أخاك بمنزلة نفسك، فكما تحب الخير لنفسك تحبه لأخيك، ولا تكرهه لأخيك، وكما تكره الشر لنفسك تكره لأخيك لأنك وإياه كنفس واحدة، المؤمنون كلهم كنفس واحدة، فكيف تقدم على حسد أخيك على نعمة أعطاه الله إياها؟ كذلك من آفات الحسد: أن الحاسد لا يزال في جحيم، وفي غيض، يعيش عيشة نكده، لما يرى من نزول النعم على عباد الله وهو يحسدهم، فيظل يحترق قلبه عليهم وعلى ربه سبحانه وتعالى، فيعيش في نكد لما يرى من تنزل النعم على عباد الله، وهل أحد يمنع فضل الله سبحانه؟ ما يرسل الله (مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ)، لا أحد يمنع قضاء الله وقدره، لا أحد يمنع الرزق، لا أحد يمنع المصائب، وإنما هذا بيد الله سبحانه وتعالى، فالحاسد يعيش في قلق دائم، لأن نعم الله تتوال على عباده، وهو لا يريد أن ينزل عليهم شيء، ما يريد أن الناس يرزقون، ما يريد أن الناس يتعلمون، ما يريد أن الناس ينالون من فضل الله، يريد الدنيا كلها له، ولا يريد لأحد شيئا، فيتحسر ويتألم ويبقى في ألم شديد، بسبب الحسد، فإن الحسد كالنار تشتعل في قلبه، دع الحسود فإن تركك قاتله، ألم ترى أن النار تأكل بعضها، إذا لم تجد ما تأكله، فالحسود إنما يضر نفسه، فاستعيذوا بالله من الحسد، وطهروا أخلاقكم من الحسد، وتنموا لإخوانكم الفضل والنعمة، بعدما تتمنون ذلك لأنفسكم، هذه علامة الإيمان، المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، هذا هو المؤمن: لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ، اليهود ما منعهم من الإيمان وجرهم إلى الكفر والإقدام على النيران وعلى غضب الله إلا الحسد، (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً) ما هو السبب؟ (حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ) فالذي حملهم على ذلك هو الحسد - والعياذ بالله-، فاستحقوا غضب الله ولعنته وعاشوا في الكفر إلى يوم القيامة، نسأل الله العافية، إلا من تاب منهم وأناب إلى الله سبحانه وتعالى.
فاتقوا الله، عباد الله، استعيذوا بالله من الحسد، طهروا أخلاقكم من الحسد، أذكروا الله على ما ترون من النعم، وسألوا الله لإخوانكم المزيد من الخير، وطلبوا لأنفسكم مثل ما أعط الله لإخوانكم، أما من يرى على أخيه نعمة فيطلب من الله ويتمنى من الله أن يعطيه مثلها فهذا ليس بحاسد، هذه غبطه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلا في اثنتين يعني لا غبطه إلا في اثنتين، رجل آتاه الله علما فهو يعلمه للناس وينشر العلم، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في سبيل الله عز وجل فيتمنى هذا مثل أخيه أن يرزقه الله علما يعمل به، وأن يرزقه الله مالا يتصدق منه فنيته صالحة، قال صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء ، هذا بعمله وهذا بنيته.
فتذكروا هذا، يا عباد الله: (وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشهد أن لا إله الله وحدهُ لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، ومن أضرار الحسد، الحسد قد يكون بين أفراد، قد يكون بين جماعات، قد يكون بين بلد وبلد، قد يكون بين قبيلة وقبيلة، فيسبب ذلك حرمانهم من المشاريع التي تنشئوها الدولة لمصالحهم، إذا تحاسدوا لم يحصلوا على شيء من المشاريع الخيرية للبلد وللجماعات وللأفراد، وكم عطل الحسد من مشاريع كانت مبذولة؟ لو أنهم اجتمعوا وطلبوها ورغبوا فيها لنفعتهم جميعا، فإذا تحاسدوا منعت منهم جميعا، فصار الضرر عليهم جميعا.
فعلى المسلمين، أن يتركوا هذه الخصلة الذميمة، وأن يتركوا الحسد فيما بينهم سواءً كانوا أفرادا أو جماعات أو بلدان أو قبائل، كلهم إخوة، كلهم بنو آدم، كلهم مسلمون، كلهم مؤمنون، فلماذا يتحاسدون؟ لولا أن الشيطان هو الذي يؤججوا الفتنة بينهم.
فاتقوا الله، عباد الله، واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار. لاسيما في أوقات الفتن، عليكم بالجماعة، جماعة المسلمين، وإمام المسلمين، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم أخبر حذيفة بن اليمان: أنه سيكون هناك دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها، قال فما تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك؟ قال: أن تلزم جماعة المسلمين وإمام المسلمين ، أمره بذلك، فهذا الذي يقي من الفتنة، ومن شر دعاة النار ودعاة الضلال وما أكثرهم اليوم.
فاتقوا الله عز وجل، واحذروا من دعاة الضلال ومن دعاة الفتن لا تصغوا إليهم فإنهم الآن يؤججون الفتن بين المسلمين عن طريق وسائل الإعلام، عن طريق الكتابة، عن طريق الانترنت، عن طريق أشياء كثيرة من الوسائل المستحدثة يهيجون الفتن بين الناس حتى يثور بعضهم على بعض، حتى تثور الرعية على ولي الأمر، حتى ولي الأمر يغضب على رعيته، حتى يتقاتلون، حتى تخرب البلد، حتى يتشرد الناس، حتى تقتل الأنفس، كل ذلك بسبب الدعاة الذين على أبواب جهنم، فحذروهم، ولزموا جماعة المسلمين، وإمام المسلمين. واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللَّهُمَّ من أردا الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، وردد كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره، اللَّهُمَّ أكفنا شر الأعداء والحاسدين من اليهود والنصارى وسائر الكفرة والمشركين والمنافقين والمرتدين، اللَّهُمَّ شتت شملهم، وفرق جماعتهم، وخالف بين كلمتهم، واجعل تدميرهم في تدبيرهم، إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.