العدل بالتقوى وخاصةً العدل بين الأبناء والزوجات


السؤال
يسأل عن قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) يقول -بارك الله فيكم-: تتحدثون عن ارتباط العدل بالتقوى وخاصةً العدل بين الأبناء والزوجات؟
الاحابة
الجواب:  بِسْمِ اللهِ الَّرَحْمَنِ الَّرَحِيم الحَمدُ للهِ رَبِ الْعَالمِين وَصَلَّى اللَهُ وَسَلَمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمد وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ أَجْمَعِين.. أول الآية قولهُ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وفي أول السورة يقول: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الله أمر بالعدل ونهى عن الجور والظلم حتى مع الأعداء مع الكفار وإن أساءوا إلينا فيجب أن نُعاملهم بالعدل وأن لا نظلمهم ونجور عليهم، ولو كُنا نبغضهم وهذا فيهِ دليل على أنهُ يجب بُغض الكفار على المُسلمين ولكن هذا البُغض في العقيدة لأجل بغضهم على الكفر، هذا البغض على الكفر والعقيدة لا يحمل المُسلمين على أن يظلموهم وأن يجوروا في حقهم فيجب العدل مع كل أحد، حتى مع العدو ومع الصديق ومع المُسلم ومع الكافر هذا هو دين الإسلام دين العدل والقسط (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) أي بُغضهم هذا فيهِ دليل على مشروعية بغض الكفار وفيه دليل على أن هذا البُغض يترتب عليه الظلم والجور، بل نعدل معهم وإن كُنا نُبغضهم (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا) ثُم قال: (اعْدِلُوا) أمرٌ من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وعلاقتهُ بالتقوى أنهُ نوعٌ من التقوى، فالتقوى كلمةٌ عامة لكل خِصال الخير لكلِّ أعمال البر ويدخل فيها العدل بين الناس (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) فالعدل من أنواع التقوى وهو أقربُ للتقوى من غيرهِ من الجور، الجور يتنافى والظلم يتنافى مع التقوى، أما العدل فإنهُ من التقوى ويُقرب إلى التقوى ويدعو إليها وسيلة إلى التقوى، فهذا فيهِ الترغيب في العدل والنهي عن الظلم والجور؛ حتى مع الأعداء وإن كُنا نُبغضهم لدينهم، وحتى لو أساءوا إلينا (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لا نعتدي عليهم بل نُعاملهم بالعدل، إذا كان هذا مع الكُفار! فكيف مع المُسلمين؟ فالعدل والقسط مطلوبٌ من المُسلم فردًا وجماعةً؛ لأن هذا من صميم دينهم العدل عام في كل ما يجب فيه العدل، العدل بين الزوجات في التسوية بينهن في حقوقهن الواجبة من القوت والكسوة يعني من النفقة، والكسوة، والإسكان، والمبيت هذه الأُمور الأربعة يجب على الزوج أن يقوم بها ولا يحيف مع بعضهن في هذه الأرباح أو بعضها وكذلك الأولاد لا يُعطي بعضهم ويحرم الآخرين هذا حرام قولهِ -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» لما جاءهُ صحابيٌّ منح أحد أبناءهِ وليدة: أي مملوكة قال لهُ: أكُلَّ أولادك أعطيت مثل هذا قال: لا قال: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ،فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» وفي روايةٍ: «أيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً» قال: نعم قال: فلا إذًا؛ يعني فلا تخص بعضهم بعطية.