شرح عمدة الفقه لابن قدمة 15-04-1437هـ


( بَابُ حَدِّ الْمُحَارِبِينَ )
وَهُمُ: الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ فِي الصًّحْرَاءِ جَهْرَةً؛ لِيَأْخُذُوا/ أَمْوَالَهُمْ، فَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ الْمَالَ، قُتِلَ وَصُلِبَ حَتَّى يَشْتَهِرَ، وَدُفِعَ إِلَى أَهْلِهِ.
وَمَنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ، قُتِلَ وَلَمْ يُصْلَبْ .
وَمَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ، قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَحُسِمَتَا .
وَلَا يُقْطَعُ إلَّا مَنْ أَخَذَ مَا يُقْطَعُ السَّارِقُ بِهِ .
وَمَنْ أَخَافَ السَّبِيلَ وَلَمْ يَقْتُلْ، وَلَا أَخَذَ مَالًا، نُفِيَ مِنَ الأَرْضِ .
وَمَنْ تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، سَقَطَتْ عَنْهُ حُدُودُ اللهِ، وَأُخِذَ بِحُقُوقِ الآدَمِيِّينَ، إِلَّا أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْهَا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( فَصْلٌ )
وَمَنْ عَرَضَ لَهُ مَنْ يُرِيدُ نَفْسَهُ، أوْ مَالَهُ، أَوْ حَرِيمَهُ، أوْ حَمَلَ عَلَيْهِ سِلَاحًا/ ، أَوْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ بِغْيْرِ إِذْنِهِ، فَلَهُ دَفْعُهُ بِأسْهَلِ مَا يَعْلَمُ أنَّهُ يَنْدَفِعُ بِهِ .فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِقَتْلِهِ، فَلَهُ قَتْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ .وَإِنْ قُتِلَ الَّدافِعُ فَهُوَ شَهِيدٌ .
وَمَنْ صَالَتْ عَلَيْهِ بَهِمَةٌ، فَلَهُ دَفْعُهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ فِيهَا .
وَمَنْ اطَّلًعَ فِي دَارِ إِنْسَانٍ، أَوْ بَيْتِهِ مِنْ خَصَاصِ الْبَابِ أَوْ نَحْوِهِ، فَخَذَفَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ .
وَإنْ عَضَّ إِنْسَانٌ يَدَهُ، فانْتَزَعَهَا، فَسَقَطَتْ ثَنَايَاهُ، فَلَا ضَمَانَ فِيهَا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( بَابُ قِتَالِ الْبَاغِينَ )
وَهُمْ: الْخَارِجُونَ عَلَى الإِمَامِ، يُرِيدُونَ إِزَالَتَهُ عَنْ مَنْصِبِهِ/ .
فَعَلى الْمُسْلِمِينَ مَعُونَةُ إِمَامِهِمْ فِي دَفْعِهِمْ بِأَسْهَلِ مَا يَنْدَفِعُونَ بِهِ، فَإِنْ آلَ إِلَى قَتْلِهِمْ، أَوْ تَلَفِ مَالِهِمْ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّافِعُ، كَانَ شَهِيدًا.
وَإِنْ قُتِلَ الدَّافِعُ، كَانَ شَهِيدًا.
وَلَا يُتْبَعُ لَهُمْ مُدْبِرٌ، وَلَا يُجَهَزُ عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا يُغْنَمُ لَهُمْ مَالٌ، وَلَا تُسْبَى لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ .
وَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، غُسِلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ .
وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا أَتْلَفَ حَالَ الْحَرْبِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ .
وَمَا أَخَذَ الْبُغَاةُ حَالَ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ جِزْيَةٍ، أَوْ خَرَاجٍ لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى الدَّافِعِ إِلَيْهِمْ .
وَلَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ، إِلَّا مَا يُنْقَصُ مِنْ حُكْمِ غَيْرِهِ/ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( بَابُ حُكْمِ المُرْتَدِّ )
وَمَنْ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلَامِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَجَبَ قَتْلُهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ، فَاقْتُلُوهُ ".
وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ، وَإلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ .
وَمَنَ جَحَدَ اللهَ – تَعَالى -، أَوْ جَعَلَ لَهُ شَرِيكًا، أَوْ نِدًّا وَوَلَدًا، أَوْ كَذَّبَ اللهَ – تَعَالَى - أَوْ سَبَّهُ، أَوْ كَذَّبَ رَسُولَهُ أَوْ سَبَّهُ، أَوْ جَحَدَ نَبِيًّا، أَوْ كِتَابًا للهِ – تَعَالَى – أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، مُتَّفَقًا عَلَيهِ، أَوْ جَحَدَ أَحَدَ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، أَوْ أَحَلَّ مُحَرَّمًا ظَهَرَ الإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيِمِهِ – فَقَدِ ارْتَدَّ .
إِلَّا أَنْ يَكُونَ/ مِمَّنْ تَخْفَى عَلَيْهِ الْوَجِبَاتُ وَالمُحَرَّمَاتُ، فَيُعَرَّفُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، كَفَرَ.
وَيَصِحُّ إِسْلَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَإِنِ ارْتَدَّ، لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا بَعْدَ بُلُوغِهِ .
وَمَنْ ثَبَتَتْ رِدَّتُهُ فَأَسْلَمَ، قُبِلَ مِنْهُ، وَيَكْفِي فِي إسْلَامِهِ، أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ .
إِلَا أَنْ يَكُونَ كُفْرُهُ بِجَحْدِ نَبِيًّ، أَوْ كِتَابٍ، أَوْ فَرِيضَةٍ، أَوْ يَعْتَقِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إِلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى يُقِرَّ بِمَا جَحَدَهُ .
وَإِذَا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَسْبِيَا لَمْ يَجُزِ اسْتِرْقَاقُهُمَا، وَلَا اسْتِرْقَاقُ مَنْ وُلِدَ لَهُمَا قَبْلَ رِدَّتِهِمَا/ ، وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ سَائِرِ أَوْلَادهِمَا .