الأمانة



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين.

الأمانة مأخوذة من الأمن، وهو ضد الخوف، والله عظم من شأن الأمانة، وقال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقال جل وعلا (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) وفي هذه الآية (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا) لأنه الله عرضها على تلك المخلوقات العظيمة، عرض تخيير، ولم يعرضها عرض إلزام، فمن أداءها له الأجر وحافظ عليها ومن خانها فعليه الآثم، فآثرت هذه المخلوقات السلامة على الغنيمة (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا) امتنعنا من حملها لعظم مسئوليتها (وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) خفنا من الأمانة، هذا يدل على عظم الأمانة، (وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ) أدام وذريته، آثروا الغنيمة على سلامه حب للأجر فحملوها (وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) فيه هاتان الصفتان هذا جنس الإنسان وأما الإنسان من هو خير ومن هو طيب ومنهم الرسل ومنهم الأنبياء ومنهم الصالحون ولكن المقصود جنس الإنسان فمن صفة جنس الإنسان الظلم والجهل الذي هو عدم الحلم، لأن الجهل على قسمين: جهل بمعنى عدم العلم، وجهل بمعنى عدم الحلم  (إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) والأمانة المراد بها في هذه الآية الكريمة، الأوامر الشرعية فعل الطاعات وتجنب المحرمات، مع توحيد الله عز وجل وعدم الإشراك به، هذا هو أعظم الأمانة التي حمله الله خلقه كما قال جل وعلا (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) فالعبادة أمانة بين العبد وبين ربه جملة وأفراد، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم الصلاة أمانة والطهارة أمانة، وهذه أمثله والأمانة عامة لكل ما شرعه الله سبحانه وتعالى، أمانة بين العبدِ وبين ربهِ، وكذلك الوديع التي تكون عند الأمناء للناس، أكثر الناس ما يفهم من الأمانة إلا من نوع هذا يحسب أنها مقصورة على الوديع ليس كذلك، الوديع نوع من الأمانة يجب عليه أن يؤديها أدي الأمانة إلى من أتمنك (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) هذا نوع من الأمانات، و كذلك من الأمانة الأسرار بين الناس، السر أمانة تحافظ عليه، ولا تفشهِ لأنك مؤتمن عليه، وكذلك من الأمانات العمل الوظيفي الذي يوليك ولي الأمر أمارة أو وكالة أو أي عمل وظيفي، فإنه أمانة في ذمتك وأيضاً تأخذ عليه أجرا، وهو أمانة في ذمتك يجب أن تؤديهُ نصح لله ولرسوله وإلى أئمة المسلمين وعامتهم، تقوم بالعمل الموكل إليك في الوظيفة ولا تبخس منه شيئا فهو أمانة إذا تركت منه شيئا وفرطت فيه فإن هذا خيانة للأمانة فيجب على المسلم أن يتنبه لهذا الأمر