كلمات رمضانية 09-09-1434هـ




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الصائم له آداب ينبغي أن يتأدب بها في صيامه وذلك بأن يستشعر الصيام ومعناه، الإنسان إذا كان يجهل الشيء ربما يخالفه ويقع فيما يبطله أو ينقصه، نفهم معنى الصيام ما هو؟

بعض الناس أو كثير من الناس يفهم أن الصيام مجرد ترك الطعام والشراب فقط، عنده من أكل أو شرب أبطل صيامه وأفطر، ولا يدري أن هناك أشياء يجب عليه تركها آكد من ترك الطعام والشراب، تساهلوا فيها كثير من الصائمين، المسلمون عوائهم وعلماءهم كبيرهم وصغيرهم لا يكلون ويشربون وهم صيام يتجنبون الطعام والشرب ويعظمون ذلك وهو عظيم، ولكنهم لا يدرون أن الصيام أكثر من هذا، وهو أن تصون لسانك، وتصون سمعك، وتصون بصرك عن كل ما حرم الله، وهذا يجب صيانته في كل الحياة لا في رمضان فقط ولا في وقت الصيام فقط لكنه مع الصيام أشد إثماً وأشد خطورة لأنه يؤثر على الصيام فقد يذهب بالأجر فلا يبقى للصائم أجر وذلك إذا لم يصن لسانه عن الكلام المحرم واللغو والزور والسباب والشتم والغيبة والنميمة فلسانه غير صائم وإن كان صائما عن الطعام والشراب؛ لكن لسانه غير صائم وهذه مصيبة.

وكذلك يصون بصره: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) يصون بصره عن النظر فيما حرم الله من النظر إلى النساء، وما حرم الله النظر إليه، واليوم أشتد الأمر في فتنة النظر وذلك فيما يعرض في الشاشات والانترنتات والمشاهد التي قل من يسلم منها في بيته وحتى في جيبه يحملها في جيبه في سيارته هذه خطورة يشاهدها وهو صائم ينظر فيها وهو صائم، ينظر ما هو فقط إلى النساء وإلى العورات وإلى العري؛ بل ينظر في هذه الشاشات إلى الكلام الباطل الذي يعرض فيها يقرأه، يقرأ سب الدين، وشتم الدين تنقص الدين والاستهزاء بالمسلمين يقرأ هذا في شاشته وفي جواله وفي الانترنت ينظر فيه، فالنظر خطير جدا وليس مقصورا النظر على الصور المحرمة؛ بل النظر أيضا في الكلام المحرم المكتوب والمنشور.

فعلى المسلم أن يصون بصره عن هذه الأمور، وكذلك يصون سمعه عما حرم الله مما يقال وينشر من الغيبة والنميمة والكلام في فلان وعلان، فلان ما فيه خير، فلان كذا وقد يتطرق الأمر إلى أهل العلم وإلى العلماء يجرحون ويسبون وهو يسمع هذا فيما يبث في وسائل الإعلام، لا نقول في وسائل الإعلام السعودية هذا قليل - والحمد لله - لكن في وسائل الإعلام غير السعودية العالمية خصوصا ما يكون في بلاد أعداء الدين من الكفار والمنافقين والمشركين يسبون أهل الدين ويسبون الدين؛ بل يسبون رب العالمين يتناقصون الرسول صلى الله عليه وسلم، يسبون الأديان وهو يسمع هذا ويظن أنه ما يضره ويقول بطلع هذا من باب الاطلاع هذا الاطلاع ولا تنكر ولا تغار على دينك الاطلاع فقط، هذا إطلاع محرم لا تطلع إلا إذا كانت سترد على هذا وتنكره وتبطله وتدافع عن دينك إذا كان عندك علم وبصيرة، وإلا فسلم لا تنظر إليه ولا تسمعه وأخلي بيتك منه وأبعده عن أولادك وعن نساءك وأطفالك فهذا أشد، في الأول يكون هذا خفيف وعلى ما أمامك فقط في الشارع.

أما الآن صار يأتيك من كل حدب وصوب يأتي إليك من بلاد بعيدة، بلاد قريبة، وبلاد فاجرة وكافره كله يبث وينشر وأنت تستمع إليه وتقول هذا من باب الاطلاع، طيب اطلاع ولا تنكر تسكت أو أنه ينطلي عليك وتقول هذا الكلام هذا صحيح وفلان فيه كذا وفلان فيه كذا، والدين فيه شدة يحجر على الناس حريتهم إلى غير ذلك.

فهذه أمور يجب على المسلم أن يخاف منها وأن يحذر منها غاية الحذر والخوف خصوصاً إذا كان صائماً فيبتعد عن هذه الأمور لأنها في حق الصائم تبطل ثوابه، لا يكون له ثواب وإن كان لا يؤمر بإعادة الصوم؛ لكن يصوم بدون ثواب وبدون أجر، ويكون عمله تعباً بلا فائدة لأنه ما صان صومه ولا تجنب ما حرم الله الكلام فيه، والنظر فيه، والسماع فيه ما تجنب هذه الأمور ويقول إني صائم، صائم عن ماذا؟ أنه ما يأكل ويشرب فقط؛ لكن يسمع ويبصر ويتكلم هذا ما في بأس مطلق، أين الصيام؟ بل هذا لا يجوز حتى في حق المفطر، فكيف بالصائم؟

فعلينا أن نعرف هذه الأمور وأن نصون صومنا عن كل ما يجرحه وينقصه أو يبطله، قد يقول القائل أجل ما تريدون لا أسمع ولا أبصر ولا أتكلم نقول: لا، أسمع ما ينفعك من كلام الله وكلام رسوله.

يا أخي البث الآن يشتغل القرآن في إذاعة القرآن ليلا ونهاراً أستمع إليه، لماذا لا تستمتع للقرآن؟ القراءات المجودة، القراءات التي تدخل القلوب لمن استمع إليها.

لماذا لا تستمتع إلى هذا؟

لماذا لا تستمتع إلى الوعظ والإرشاد والتذكير وما ينفعك؟

لماذا لا تنظر في الأشياء النافعة التي تنفعك في دينك ودنياك؟

لماذا لا تتكلم بالكلام الذي يثقل في ميزانك يوم القيامة؟ بالتسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار والتوبة وتلاوة القرآن.

تكلم؛ لكن بالكلام الذي يعود عليك بالخير.

أنظر؛ لكن بالنظر الذي يعود عليك بالخير.

أستمع إلى ما ينفعك.

فتكون هذه الحواس تجلب لك الخير وتغذي قلبك بالخير، أما إذا شغلتها بالباطل فإنها تدخل على قلبك الشكوك، تدخل على قلبك المرض، تدخل على قلبك الكسل، تدخل على قلبك الغل والحقد على إخوانك وهكذا يريد أعداء الدين أن يفسدوا على المسلمين دينهم، يفسدوا عليهم صيامهم، ولذلك أذا أقبل رمضان ينشط الممثلون وأصحاب المسرحيات والمضحكات ويعدونها لرمضان ويشغلون الناس بها ليلا ونهارا، لأنهم جند الشيطان، قد جندهم الشيطان لهذا ومحاربة الخير.

فعليك أن تحذر من هذه الأمور، وأن تصون صيامك، وتحفظ لسانك، تحفظ سمعك وبصرك إلا فيما ينفعك ويفيدك، ويصون صيامك عن الخلل والثلم والنقص وضياع الأجر وإلا فإنك تتعب بلا فائدة، لا تترك الطعام والشراب إذا لم تترك هذه الأمور فلا فائدة من ترك الطعام والشراب يكون حظك إذا الجوع والعطش فقط نسأل الله العافية.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

***