التعزية وما اكتنفها من مبالغات

التعزية: هي مواساة المصاب بموت قريب له وتخيف الحزن عليه وذلك بالدعاء له بما ورد وهو أن يقال: (أحسن الله عزاءك، وجبر الله مصيبتك، وغفر لميتك) في أي مكان يحصل فيه لقاء المصاب في المسجد أو في المكتب أو في المتجر قبل الدفن أو بعده من غير تعيين وقت ولا مكان ولا إعداد طعام سوى ما يصنع لأهل الميت بقدر ما يكفيهم لأنهم مشغلون بمصيبتهم عن إعداد الطعام لأنفسهم كما جاء في الحديث - هذه هي السنة في العزاء ومن غير تعطيل أعمال ولا تخصيص أيام سوى أيام المصيبة ولا مكان وقد اكتنف هذه السنة أمور محدثة ومكلفة للمصاب وللناس وهي كما يلي:

1- إعلان مكان العزاء وزمانه.

2- أن يهيئ أهل الميت مكانا للاجتماع بما يتطلبه من أثاث واستقبال وقهوة وطيب يتكرر تقديمهما لوفود المعزين طول مدة العزاء.

3- تعطيل الأعمال في أيام العزاء إشعارا بالحزن على الميت.

4- إعداد موائد الطعام التي تكفى المجتمعين كل ليلة من ليالي العزاء يتحمل نفقاتها أقارب الميت غير أهله أو أصدقاؤهم بما تكلفه من ذبائح وأنواع الأطعمة.

5- إتعاب أهل الميت باستقبال المعزين والقيام بخدمتهم وتهيئة المكان لهم.

6- ولا يقتصر ذلك على اجتماع الرجال فقط بل يكون هناك اجتماع للنساء قد لا يقل عن اجتماع الرجال. حتى صار أهل الميت مع حزنهم عليه يتحملون هذه الأعباء. وهذه الأمور المكلفة لا ترجع بفائدة لا للحي ولا للميت. بل هي صار وأغلال ما أنزل الله بها من سلطان. بل زاد الأمر بأن تبنى أماكن للعزاء في المقابر وهي ظاهرة منكرة قد أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي البلاد السعودية في وقته بهدمها وصدرت في تلك قرارات من هيئة كبار العلماء. ورغم هذا يتفلت بعض الناس بإقامة تلك المباني مرة بعد أخرى. وقد قال الصحابي الجليل: جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة) والنياحة محرمة وهي من أمور الجاهلية - فتضمن هذا الأثر الذي يرويه جرير عن الصحابة رضي الله عنهم مسائل:

الأولى: الاجتماع إلى أهل الميت وهو ما يعمل الآن كما وصفنا وهو من أمور الجاهلية كما في هذا الأثر.

الثانية: صنعة الطعام الزائد عن حاجة أهل الميت في أنفسهم والذي جاء به الحديث.

الثالثة: أن هذه الأمور من النياحة المحرمة فلينتبه المسلمون لذلك. وفق الله الجميع للعمل بالسنة في هذا وفي غيره. والله أعلم.

 

                                                                     كتبه

                                                                   صالح بن فوزان الفوزان

 

                                                                  عضو هيئة كبار العلماء

                                                                   1434-08-16

صورة للمقال