المملكة العربية السعودية قامت على التوحيد وعلى إخلاص العبادة لله


الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين، خلق(الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، وأمره بالأعمال الصالحة ليواصل له التكريم، وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحسن كل شيء خلقه وهو الخلاق العليم، وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله أثناء عليه ربه بقوله(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم على الصراط المستقيم، وسلم تسليماً كثيرا   أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمة الإسلام، تعلمون حفظكم الله، أن هذه البلاد قامت على عقيدة التوحيد، وإخلاص العبادة لله، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحكيم الشريعة، وإقامة الحدود، فاستتبا أمنها وستقر وضعها وعاشت كما تعلمون في نعمة ورفاهية وأمنٍ واستقرار، بينما البلاد الآخر تعجوا بالفتن والاضطرابات كما تسمعون وتقرؤون في الأخبار من المجريات الشديدة، وهذه البلاد ولله الحمد في أمنٍ واستقرار ورخاء في العيش وطمأنينة إلا أن هذا الوضع لا يروق لعداء هذه البلاد، فما زالوا يحاولون، ما زالوا يحاولون تقويض أمنها وزعزعة كيانها وتفريق كلمتها بشتى الوسائل، يحاولون بذلك أن تكونا مثل البلاد الآخر، يحاولونا أن تسير في ركاب الغرب، وأن تتخلى عن الإسلام وتكتفي باسم الإسلام، ويأبى الله سبحانه إلا أن تبقى هذه البلاد ولله الحمد بكيانها ومكانتها لأنها قلب العالم الإسلامي، فيها مهبط الوحي، منها صدر الإسلام، فيها قبلة المسلمين المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، هي مهبط أفئدة المسلمين، وقبلتهم في صلواتهم، فلها مكانتها في العالم الإسلامي، فلو أنها تزعزعت كما يريد الأعداء لتزعزع العالم الإسلامي كله، من الذي يقوم على الحج والعمرة ويؤمن الحجاج ليؤدوا شعائرهم إلا هذه البلاد بتيسير الله سبحانه وتعالى فلو أختل أمنها تزعزع كيانها، أين يذهب العالم الإسلامي؟ فلذلك أعداء الإسلام يكيدون لهذه البلاد ليلاً ونهاراً كما تعلمون تارةً بالتشكيك في العقيدة، وبث الأفكار الخبيثة في أبناء المسلمين بتلقينهم اللغو والتطرف وحمل السلاح على المسلمين، حمل المتفجرات والتخريبات في هذه البلاد، وكم قبض على كمياتِ من الأسلحة والمتفجرات والمدمرات، وتارةً بإفساد الأخلاق ونشر المحرمات والشهوات المحرمة بين شباب المسلمين ليفسدوا أخلاقهم ويسلخوهم من دينهم بحجة حرية الكلمة، حرية الرأي إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة، حرية الرأي ما هي؟ حرية في الشر، حرية الرأي تكون بالإسلام، فإن الله حرر البشرية بالإسلام، حررها من الوثنية، حررها من الشهوات المحرمة، حررها من الأخلاق الرذيلة، هذه هي الحرية الصحيحة، أمَّا تكبيلها بالشهوات والشبهات وفساد الأخلاق فهذه حرية بهيمة، لكنهم يردون بذلك أن يفسدوا شباب المسلمين إمَّا بالغلو والتشدد وإما بالتساهل والانحلال يحاولون هذا وهذا، وإما بإفساد عقول شباب المسلمين بالمسكرات والمخدرات وغير ذلك والدخان والقات وغير ذلك من المخدرات والمسكرات والمفترات كل ذلك، يريدون به تفتيت شباب المسلمين لأن شباب المسلمين هم العمدة بعد الله سبحانه وتعالى للمجتمع الإسلامي، المجتمع يقوم على شبابه فهم يريدون أن يفسدوا شباب المسلمين بأي وسيلة حتى يتسنى لهم ما يريدون من تقويض هذا البلاد، وفي كل فترة كما ترون يعثر على كميات مهربه من المكسرات ومن المخدرات من الأفيون من سائر أنواع المخدرات بكميات هائلة، وشاحنات مشحونة من المخدرات المتنوعة من الحبوب وغيرها، كما ترون هذا لم يأتي من فراغ إنما جاء من تخطيطِ سيء لهذا البلاد يردون أن يدمروها من كل ناحية فلا تكونوا من غلة من هذا، كونوا يداً واحدة في صدِ هذا العدوان مع حكومتكم، ومع ولاة أموركم، كونوا يداً واحدة  في صدِ هذا العدوان والانتباه له، فإنهم إنما يريدونكم في بيوتكم وفي عوائلكم، أنتم المعنيون فكونوا على حذر وعلى هبَّة الاستعداد والتعاون مع ولاة أموركم في محاربة هذه الشرور(عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً)ولكن هذا لا يحصل إلا إذا بذلنا الجهود النافعة في وجه هذا العدوان الغاشم الذي يتنوع، والذي يتجدد في كل وقت، فإن لم تنتبهوا وتأخذوا حذركم فإنكم ستصبحون في يوم من الأيام خبراً بعد عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إن الأعداء يسهرون الليل ويواصلون بالنهار، التخطيط للكيد الإسلام والمسلمين خصوصاً في هذا البلاد في بلاد الحرمين، قبلة المسلمين، يريدون بذلك أن يدمروا هذه البلاد وأهلها حتى لا يكون للعالم الإسلامي قلبٌ نابض، ولكن لابد للمسلمين من الصحوة، ومن الحيطة، ومن التعاون في مكافحة هذا الشر ولا يكفي أن الحكومة هي التي تقاوم هذا الشيء ولكن نتعاون معها، لأن هذا في صالح الإسلام والمسلمين في صالح الجميع، وليس هو في صالح ولاة الأمور فقط وإنما هو في صالح الجميع حمايةً للبلاد، فلا تغفلوا عن هذا الأمر، وقوموا بجهودِ في مقابلته وصده وكفي شره عن المسلمين.

عباد الله، لقد طالت الغفلة والانشغال بأمور الدنيا وشهواتها عما يراد بنا من أعدائنا، وعما يكاد لنا، وضعنا الثقة في غير محلها، وثقنا بالأعداء، وجلبناهم إلى بلادنا ومكناهم وهم يحملون لنا العداوة والبغضاء إلا ما شاء الله، فلنكن على حذر منهم، يتسللون بيننا، ويغزون تجمعات الشباب، ويتسللون بينهم ببث الأفكار، ونشر الدمار شيئاً فشيئا، أما تعلمون أن ابن سبأ اليهودي الخبيث جاء إلى دولة الخلفاء الراشدين في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فجعل ينفث في المسلمين مسبة عثمان ولي الأمر وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفث سمومه بين الشباب وبين أهل الأهوال والأغراء ويتنقل من بلد إلى بلد ينشر سمومه حتى تكون له أتباع، وألا الأمر إلى أن قتل الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه مظلوماً، ومن قتله حدثت الفتن في المسلمين وتشت الأمر وحصل الحروب والفتن بين المسلمين بسبب هذا العدو الخبيث، فكيف نغفل عن أعداء أكثر من سبأ؟ ينتشرون بيننا، لماذا لا نتحاذر منهم؟ لماذا لا نترصد لهم؟ لماذا لا نبلغ عنهم ولاة الأمور؟ ليأخذوا على أيديهم.

فتقوا الله، عباد الله، حافظوا على دينكم، حافظوا على أعراضكم، وذريتكم، حافظوا على بلادكم قبل أن تندموا ولتا ساعة مندم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قول هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،ومن اهتداء بهداه وسار على نهجه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا،    أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله تعالى، قال الله جلَّ وعلا:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) هذه الآية نزلت في قطاع الطرق والبغاة الذين يريدون أن يزعزعوا كيان الأمة، ويفرقوا كلمتها ويخرجوا على ولاة أمورها حكم الله عليهم بهذا الحكم (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ)ويدخلوا في هذا الذين يجلبون المخدرات وينشرونها بين المسلمين فهم من أعظم المفسدين في الأرض، ولذلك حكم العلماء عليهم أن يطبق عليهم هذا الحد(أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ) حمايةً لمجتمع المسلمين، صيانةً لكلمتهم، ونكايةً بأعدائهم، أما المسالمة والتسامح مع هؤلاء فهذا إنما يزيد الشر شراً ويمكن المفسدين، فالواجب أن يطبق هذا الحكم الشرعي من كتاب الله سبحانه وتعالى على من يجلبون المخدرات وعلى من يروجونها ويبعونها ويتسللون بين المسلمين لبيعها وترويجها، ها يطبق عليهم حكم الله سبحانه وتعالى حتى تتطهر الأرض منهم، ثم أنتم عليكم بالانتباه لأولدكم من بنين وبنات فإنهم مغزون بجميع أنواع الغزو الأخلاقِ، إفساد العقائد بالغلو والتطرف أو بالانحلال، أو بإفساد العقول والأخلاق فهم مستهدفون، فعليكم بحفظ أولادكم بنين وبنات من التجمعات، ومن التجمعات في الاستراحات وغيرها، تجمعات المشبوهة أين كانت، ولو كانت باسم الدين والدعوة لو كانت بهذا الاسم فإنهم يستغلون اسم الدين واسم الدعوة لنشر أفكارهم، فتقوا الله، وحذروا من هؤلاء، وكذلك الرحلات أحفظوا أولادكم من الرحلات يرحلون معكم ويسافرون معكم ولا تتركوهم يسافرون مع غيركم، ويتولى توجيهم غيركم، فإن الأمر خطير جدا في هذا الوقت.

فتقوا الله، عباد الله، حافظوا على أولادكم، ولا تكلوا تربيتهم وتوجيهم إلى غيركم، نعم سلموهم للمدارس وللمدرسين لكن بإشرافكم ومتابعتكم، تكونون مشرفين عليكم ومتابعين لهم، تفقدوهم عن الغياب عن البيوت يسهرون في الاستراحات وفي الشوارع ولا يأتون إلى في آخر الليل أو في أول النهار ولا تدرون ماذا حصل لهم، بينما ترى الشاب مستقيما محافظاً على الصلاة في المسجد تراه بعد قليل يخبر عنه أنه مع المخربين وأنه قبض عليه أو أنه قتل، وكم حصل هذا، وهذا ناشئون من إهمالكم لأولادكم، كم فسدة البنات في أعراضها، كم حملت من بكر، وحصل ما حصل من فساد الأعراض بين البنات بسبب الإهمال.

اتقوا الله، عباد الله، حافظوا على أولادكم فإن الأمر اليوم خطير، الإنسان إذا كان معه غنم بين ذئاب ماذا يعمل من الاحتياط؟ لحمايتها من الذئاب، وأنتم اليوم معكم أولادكم أغلى من الغنم، وبين ذئاب ضارية، فخذوا حذركم، حافظوا على أولادكم، بارك الله فيكم وأعانكم، تعلمون إن هذا يحتاج منكم إلى جهود، لكن الجهود تحتاج إلى صبر، تحتاج إلى احتساب، وإلا والتربية والمراعاة لا شكه أنها شاقة، وأنتم ابتليتم بأولادكم(أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) فتنتم بهم وابتليتم بهم لتظهر عنايتكم بهم أو إهمالكم لهم، وأنتم مسئولون عنهم أمام الله كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وما من راع كما في الحديث الصحيح ما من راعٍ يسترعيه الله على من تحت يديه ثم لا يحوطها بنصيحته إلا حرم الله عليه النار الحديث صحيح، وكل راعٍ لا يحوط رعيته كانت كبيرة أو صغيرة لا يحوطها بنصيحته إلا حرم الله عليه الجنَّة .

فتقوا الله، عباد الله، والأمر خطير جداً، والمقام لا يتسع لأكثر من هذا وإنما التنبيه.

واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللَّهُمَّ اجعل هذا البلد آمناً رخاءً سخاء وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ ولي علينا خيارنا، وكفينا شر شررنا، وجعل وليتنا فيمن خافك واتقاك وتبع رضاك ولا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا، اللَّهُمَّ أصلح ولي أمرنا وخذ بيده إلى ما فيه صلاحه وصلاح المسلمين ، اللَّهُمَّ وفقه لكل خير، وأعنه على ما فيه خير، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان يا رب العالمين (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.