لابد من تعلم التوحيد وتعليمه

لابد من تعلم التوحيد وتعليمه

استمعت في إحدى وسائل الإعلام إلى امرأة تعلق على مناهج التعليم في المدارس وما يخص منها مقرر العقيدة – عقيدة التوحيد- وتقول بسخرية: في مقرر السنة الرابعة في التوحيد [أن المشركين كانوا مقرين بتوحيد الربوبية ولم يدخلهم ذلك في الإسلام لأنهم لم يقروا بتوحيد الألوهية ولذلك قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحل دماءهم وأموالهم].

وتقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقاتلهم حتى قاتلوه. ولم يستحل أموالهم بدليل أنه لما هاجر إلى المدينة خلف عليا رضي الله عنه في مكة ليرد الأمانات التي عنده للناس من أهل مكة. ثم تردف وتقول: هل يصلح هذا أن يدرس للأطفال وينشئوا على الإرهاب. هكذا شعور هذه المرأة هداها الله نحو العقيدة التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم وأمر أن يقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويأتوا ببقية أوامر الدين قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّه) وقال تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)، فأمر بقتالهم حتى يدخلوا في دين الله ويتركوا عبادة ما سواه، وهذا هو الجهاد في سبيل الله الذي هو سنام الإسلام وأحد دعائمه.

والقصد منه مصلحة المشركين لإخراجهم من الكفر والنار إلى الإسلام والجنة ولحماية الدين وإصلاح العقيدة التي هي أساس الدين ومحل اهتمام الرسل، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ).

فهل ترى هذه المرأة هداها الله أن الإقرار بتوحيد الربوبية يكفي. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقاتل المنكرين لتوحيد الألوهية فهذا إنكار للواقع ولما جاء في القرآن الكريم لكنها لعلها لم تتأمل قبل أن تتكلم أو غاب عنها ذلك ولم يكن كلامها هذا في وسيلة إعلامية يسمعها القاصي والداني لما رددت عليها ولما بينت في كلامها.

والرسول صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ، ولم يقل: أقاتل من قاتلني. وأما قولها: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستحل أموالهم فنقول نعم إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستحل أموالهم إلا بالجهاد في سبيل الله عن طريق المغنم فقد قال الله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)، وقال تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، لأن ذلك مما يضعف الكفار ويقوي المسلمين. وأما رده صلى الله عليه وسلم للأمانات فهو عمل بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) والأمانات ليست مغانم ففرق بين هذا وهذا.

وأما قولها هل يصلح ذلك أن يدرس للأطفال. نقول نعم: إن لم ندرس أطفالنا العقيدة المأخوذة من الكتاب والسنة فماذا ندرسهم هل ندرسهم سيرة عنترة وقصة ألف ليلة وليلة.

والله تعالى يقول: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) وليس هذا تنشئة للأطفال على الإرهاب كما تخيله وإنما تعليم للعقيدة التي تجب على كل مسلم و مسلمة.

هذا ما أردت التعليق به على مقالة المذكورة. واسأل الله تعالى أن يفقهنا وإياها في دينه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

 


صالح بن فوزان الفوزان 

عضو هيئة كبار العلماء  

صورة للمقال
الصورة