تعقيب على مقال

نشرت جريدة الوطن في يوم السبت 16-02-1434هـ مقالا للكاتب شاكر النابلسي بعنوان: نداء تخليص الإسلام من خاطفيه جاء في مقدمته: الرسول عليه الصلاة والسلام كان خاتم الأنبياء والمرسلين، وكان ذلك الخاتم ذا معنى كبير، وهو أن البشرية قد شبت عن الطوق بعد ذلك وبلغت سن الرشد، وأنها بعد هذا الخاتم مدعوة لأن تتولى أمرها بنفسها وهذا كلام عليه ملاحظات مهمة وهي:

أولا: أما أن الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين فلا نبي بعده فهذا حق دل عليه القرآن في قوله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، ودلت عليه السنة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي .

ثانيا: وأما الحكمة في خاتم النبوة فليست لأن البشرية قد شبت عن الطوق فهي تتولى أمرها بنفسها كما قال الكاتب، بل لأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس إلى أن تقوم الساعة حيث قال الله له: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)، فكل الناس عربا وعجما من في وقته صلى الله عليه وسلم ومن يجيء من بعده إلى يوم القيامة كلهم أمته فلا يحتاجون إلى نبي يتكرر بعثه لكل جيل كما كان في الأمم السابقة كلما هلك نبي خلفه نبي وكما في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: وكان من النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة .

ثالثا: وكما كانت بعثته إلى الناس كافة في كل زمان وكل مكان كانت شرعيته عامة صالحة لكل زمان ومكان وشاملة لكل ما يحتاج الناس في سائر الأوقات والأمكنة، بخلاف الشرائع السابقة فإنها مؤقتة في وقت محدد تصلح لأهله، ثم تنسخ بشريعة بني آخر تصلح لوقته كما قال تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً).

رابعا: البشرية لم تشب عن الطوق ولم تبلغ سن الرشد بل كلما يتأخر الوقت يشتد الجهل وفي الحديث: لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ، وفي وقتنا هذا زاد الشر واستشرى الكفر والإلحاد في البشرية كما هو مشاهد. فأين بلوغ الرشد، ثم هل كانت الأمم السابقة كلها سفيه ليس فيها رشد والله تعالى يقول: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً)، وقال: (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)، ولكن الحمد لله وإن كثر الشر فالخير في هذه الأمة باق ومستمر إلى يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى .

والإسلام والقرآن محفوظان قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فمهما كثر الشر وتطاول أعداء الإسلام على الإسلام فالخير باق وأهله لا يزالون متمسكين به وبلوغ الرشد والشب عن الطوق إنما يكونان بالتمسك بالإسلام والاهتداء بالكتاب والسنة، لا بالعقول والأفكار.

وفق الله الجميع لمعرفة الحق والعمل به وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

 

كتبه

صالح بن فوزان الفوزان

1434-02-17هـ

صورة للمقال